صفات الله الواجبة في حقه تعالى ودليلها
تعد صفات الله تعالى من أهم الموضوعات التي تناولها علم التوحيد في الدين الإسلامي، حيث يعكف العلماء والمفكرون على دراسة هذه الصفات بشكل دقيق، محاولةً منهم فهم الكمال المطلق لله عز وجل الذي لا يدركه البشر ولا تحيط به العقول. وفي هذا المقال سنتناول صفات الله الواجبة في حقه تعالى ودليلها من الكتاب والسنة، مع الوقوف على معاني هذه الصفات وأهمية فهمها في حياة المسلم.
مفهوم صفات الله الواجبة
الصفات الواجبة لله تعالى هي تلك الصفات التي يجب أن تكون لله سبحانه وتعالى بمقتضى كماله المطلق ووجوب تنزهه عن النقص والعيب. وهذه الصفات تمثل ما يجب أن يكون عليه الله عز وجل من دون أن يتصور فيه نقص أو عيب، وهي لا تُكتسب ولا تُحدث وإنما هي صفة ذاتية قائمة في ذات الله تعالى. ولا يجوز أن يُنسب لله تعالى شيء من الصفات التي تقتضي النقص، كالجهل أو العجز أو الفقر.
وقد تباينت آراء علماء المسلمين حول تصنيف الصفات الإلهية. وفي هذا السياق يمكن تقسيم الصفات الواجبة إلى نوعين: الصفات الذاتية والصفات الفعلية. الصفات الذاتية هي التي لا تتغير ولا تتبدل مثل الحياة والعلم والقدرة، بينما الصفات الفعلية هي تلك التي ترتبط بأفعال الله تعالى كالخلق والرزق والمغفرة.
أولًا: صفات الله الذاتية الواجبة
-
الوجود:
أول صفات الله تعالى الواجبة في حقه هي الوجود. فقد أثبت الله لنفسه الوجود في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن وجود الله يعد من أول المسلمات في الإيمان الإسلامي. وهو وجودٌ غير محدد بزمن أو مكان، فهو سبحانه وتعالى موجود قبل الزمان والمكان، وهو باقٍ أبدًا بلا انقطاع أو تغيير.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “اللَّهُ لا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ” (آل عمران: 2)، وهذه الآية تبين أن الله تعالى هو الحي الذي لا يموت، القائم على كل شيء، الذي لا يعتريه فناء أو زوال. -
القدرة:
من الصفات الواجبة لله تعالى القدرة المطلقة على كل شيء. فالله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وهذا يتضمن قدرة الله على خلق الكون وخلق الإنسان وجميع الكائنات الحية، فضلاً عن قدرته على تدبير كل شؤون هذا الكون.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ” (يونس: 3)، وفي هذه الآية إشارة إلى قدرة الله تعالى في خلق الأرض والسماوات، وفي تدبير كل أمر من أمور الكون. -
العلم:
من الصفات الواجبة لله تعالى العلم المحيط بكل شيء، سواء كان محسوسًا أو غير محسوس. فالله تعالى لا يجهل شيئًا في الكون، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل. وعلمه محيط بكل ما كان وما سيكون.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (آل عمران: 6)، وهذه الآية تبين علم الله الواسع الذي لا يقتصر على شيء معين وإنما يشمل جميع الموجودات. -
الحياة:
الحياة من الصفات الأساسية التي تميز الله سبحانه وتعالى عن سائر المخلوقات. فالله حيٌّ لا يموت، وهو لا يشبه في حياته حياة المخلوقات، لأنه حيٌّ بذاته في ذات أزلية لا بداية لها ولا نهاية.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “اللَّهُ لَا إِلٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ” (آل عمران: 2)، ففي هذه الآية تأكيد على أن الله هو الحي الذي لا يموت. -
السمع والبصر:
من الصفات الواجبة أيضًا السمع والبصر، فالله تعالى يسمع كل شيء ويبصر كل شيء في الكون دون أن تحده الحدود المكانية أو الزمانية. سمع الله وبصره ليس كسمع وبصر البشر، فهو لا يتأثر بأي من العوامل المادية.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (النساء: 58)، وهذه الآية تنص على سمع الله وبصره وأنه لا يعجزه شيء.
ثانيًا: صفات الله الفعلية الواجبة
-
الخلق:
من صفات الله الفعلية القدرة على الخلق. فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذا الكون وما فيه من كائنات، من غير أي مساعدة أو شريك.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ” (البقرة: 29)، وهذا يدل على أن الله هو الذي أنشأ الخلق من العدم. -
الرزق:
من صفات الله الفعلية أيضًا الرزق، فالله هو الذي يرزق جميع المخلوقات بما تحتاجه من طعام وشراب وكل ما يديم حياتها.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا” (هود: 6). -
الرحمة:
رحمة الله هي صفة فعلية تتمثل في تفضله على عباده بالمغفرة والرحمة، وهي تشمل جميع المخلوقات في الدنيا والآخرة.الدليل على هذه الصفة:
قوله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” (الأعراف: 156).
ثالثًا: دلالات هذه الصفات على كمال الله
إن الصفات الواجبة لله تعالى تدل على كماله المطلق، فهي تتحدث عن الأبعاد التي يجب أن يتصف بها الله سبحانه وتعالى بما يتناسب مع عظمته. فالله عز وجل ليس له شريك في هذه الصفات، وهي لا تتغير ولا تتبدل بمرور الزمن أو بتغير المكان.
خاتمة
إن دراسة صفات الله الواجبة في حقه تعالى تعتبر من أعمق المواضيع في العقيدة الإسلامية، وقد أسهمت في بناء الإيمان الصحيح وتوضيح صورة الله سبحانه وتعالى كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية.
